المحمل المصرى : دراسة تاریخیة

نوع المستند : Original Article

المؤلفون

قسم الإرشاد السیاحی - کلیة السیاحة والفنادق - جامعة قناة السویس

المستخلص

 

    کلمة "المحمل" غریبة عن أذهان الکثیر من المسلمین فی الوقت الراهن، رغم شهرتها الواسعة فی السابق، حیث کان المسلمون ینتظرون خروج المحمل الذی یحمل کسوة الکعبة بکثیر من الشغف، ویتحینون الخروج ویحتفلون به، ویودعون المحمل بالأشواق والدموع، والتمنیات أن یکونوا ضمن الذاهبین إلى الحج وزیارة المشاعر المقدسة، ثم ینتظرون الشهور لعودة المحمل بالکسوة القدیمة التی یوزعون قطعاً منها على المساجد العتیقة وبعض الوجهاء. والمحمل إطار خشبی کان ُیحمل فی داخله ستارة الکعبة المشرفة وکسوتها، وکان یغطى بالحریر المزرکش، ویأخذ شکل الکعبة فی تکعیبها فی نصفه السفلی، أما النصف العلوی فکان یأخذ شکل الهرم أو الخیمة حسب الفترة التاریخیة التی کان یصنع فیها أو البلد القادم منها.وکانت الجمال هی التی تسیر فی قافلة المحمل، إلا أن جملاً واحداً کان یخصص لحمل کسوة الکعبة، وکان یصاحب المحمل فی خروجه إلى الأراضی المقدسة وعودته منها احتفالات یشارک فیها الأمراء والأعیان والعلماء والشعب.ومن التقالید المتبعة أن جمل المحمل الذی یحمل هودج کسوة الکعبة المشرفة لا یرکب فیه أحد، وذلک تقدیساً لما یحمل، وکان یوضع مصحف شریف فی قمة هیکل المحمل؛ دلالة على الارتباط القوی بالذکر الحکیم.  ویصفه الرحالة ادوارد ولیم لاین بأنة "عبارة عن مربع خشبی ذی قمة هرمیه الشکل وغطاء من القماش المقصب باللون الأسود نقشت علیه کتابات کثیرة ومزین بتطریز ذهبی فی بعض أجزائه فوق أرضیه من الحریر الأخضر والأحمر مع هداب حریری  تدلت منه شرا بات علقت بها کرات فضیة ولا یکون الغطاء مصنوعا دائما بهذا الشکل فی زینته وقد لوحظ فی کل غطاء منظرا للکعبة مشغولا بالذهب فی الجزء العلوی من واجهته الأمامیة
وفوقها رمز السلطان. وهو لا یضم سوى مصحفین، احدهما فی درج (فی لفائف مکتوبة ) وثانیهما فی کتاب صغیر وقد وضع المصحفان فی غلاف فضی براق معلق خارجا فی أعلاه. کما أن الکرات الخمس ذات الهلال التی تزین المحمل مصنوعة من الفضة البراقة.یوضع المحمل على ظهر جمل طویل یعفى باقی حیاته من اى عمل شاق." (1)   أما تاریخ خروج أول محمل على وجه التحدید فهو غیر معروف، لکن عموماً یعد المحمل الشامی أقدم المحامل من حیث النشأة والتی من المرجح أن تعود إلى الدولة الأمویة.والمحمل العراقی؛ فهو الأشهر بین تلک المحامل، ربمالأنه یختلف بکونه المحمل الوحید الذی خاصم "أُم القُرى"لمدة عشرین سنة لم یحج  فیها أحدٌ إلى البیت، وذلک بعد الحادثة التی وقعت للمحمل العراقی سنة930م ، أیبعد 180 عامًا من بدایته سنة750م، وهو أول عام حج فیه بنو العباسبعدما آل أمر الخلافة الإسلامیة إلیهم وأفل نجم دولة بنی أمیة.وقد کانالقرامطة الخوارج هم بطل هذه الحادثة، فقد هجمواعلى حُجّاج المحمل العراقیوقتلوا الحُجاج عن آخرهم، وطرحوا الثقلاء ببئر "زمزم" حتى امتلأت بهم، ثم دخلواإلى البیت الشریفوأخذوا ما کان فیه من القنادیل الذهبیة والفضیة، وخلعوا بابالکعبة الشریفة، وقاموا بتعریة الکعبة ونزع الکسوة عنها.والمحمل الیمنی، فیذهببعضالمؤرخین إلى أن بدایته کانت فی عام1556مولعل الظاهرة الممیزة للمحمل الیمنی أنه المحمل الوحیدالذی لم یحدث له طوال تاریخه سوى عملیة نهب واحدة وکان ذلک فی عام 1211م. أما بخلاف هذه الحادثة فقد کان المحمل یسافر ویعود فی أمان، ویفسرالمؤرخون ذلک بأنه کانت هناک ألفة بین حجاج الیمن والأعراب فی شبه الجزیرةالعربیة. وکانت المحامل تتعرض للکثیر من الأخطار، منها ما یتعلق بالطقس حیث کانت غالبیتها تسیر فی الصحاری القاسیة، وتتعرض لعملیات السطو المتکررة من البدو، بل تتعرض لبعض الأوبئة نظراً لتقلبات المناخ وتغیر البیئات، وکانت تحمل ما یعرف ب"الصرة" والتی اختلفت حسب البلد الخارج منه المحمل أو الرخاء الذی تتمتع به، فکان حجمها ضخماً یصل فی بعض الأحیان (200) ألف قطعة وکان بالمحمل خاصة المصری عدد من الوظائف فهناک "أمیر المحمل" و"القاضی" و"رئیس حرس المحمل" و"أمین الصرة"... الخ.(2) وبعد إنشاء سکة حدید الحجاز صار المحمل النبوی أو موکب الصرة السلطانیة یرسل عبر القطار، تماشیاً مع روح العصر آنذاک.ویحتفظ المتحف الأنثوجرافی التابع للجمعیة الجغرافیة بالقاهرة بهیکل کامل للمحمل المصری، واستمر العمل فی دار الخرنفش حتى عام 1962م إذ توقفت مصر عن إرسال کسوة الکعبة لما تولت المملکة العربیة السعودیة شرف صناعتها.